الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة في فروع المالكية ***
وفي الجواهر: لسقوطها ثلاث أسباب: الأول: الترك بصريح القول، الثاني: ما يدل عليه كالمقاسمة والسكوت مع رؤية المشتري يهدم ويبني ويغرس، وقيل: لا يسقطها ذلك. فرع: في الكتاب: لا تسقط السنة الشفعة وإن كان عالمًا بالشراء وشهد فيه، بل يحلف: ما تأخر تركًا؛ فإن جاوز السنة بما يعد به تاركًا فلا شفعة، وقال (ش): غير العالم بالبيع حقه أبدًا كالرد بالعيب إذا لم يعلم به، والعالم على الفور، وأخره (ح): إلى انقضاء المجلس فقط. لنا: قوله عليه السلام: (الشفعة فيما لم يقسم) ولم يعين وقتًا، ولأنه حق له فلا يتعين معجلًا كسائر الحقوق من الديون وغيرها، ولأن المشتري إن تضرر رفع للحاكم، ولأن في حصرها في الفور ضررًا على الشفيع بأن يكون معسرًا، ولأنه قد لا يعلم إلا بعدها المشتري فلا يجد قيمة بنائه فينتظر حتى يتيسر له ذلك. احتجوا بقوله عليه السلام: (الشفعة كشنطة عقال)؛ فإن أخذها مكانها وإلا بطلت. ولأن عدم الفورية يضر بالمشتري فلا يعمر ملكه ولا يتصرف فيه، ولا سكوته مع اطلاعه رضا فيبطل حقه. والجواب عن الأول: أنه مطلق في الأحوال فيحمل على ما إذا وقفه الحاكم، وإذا عمل بالمطلق في صورة سقط الاستدلال به فيما عداها. والجواب عن الثاني: أن الضرر مدفوع بالرفع للحاكم. والجواب عن الثالث: يتروى في الأخذ أو يحصل الثمن فلا يسقط حقه بغير سبب ظاهر. نظائر: قال أبو عمران: مسائل السنة أربعة عشر مسألة الشفعة على رأي أشهب وابن القاسم يزيد الشهر والشهرين، واللقطة، والعبد الآبق يحبس سنة ثم يباع، والمجنون تستم له سنة، والعنين لتمضي عليه الفصول الأربعة، والعهدة للجراح والجنون والبرص، وعدة المستحاضة والمرتابة والمريضة، واليتيمة تمكث سنة في بيتها قبل اختبارها لزوال الحجر، والجرح لا يحكم فيه إلا بعد سنة من يوم البرء ولتمضي عليه الفصول ويأمن الانتقاض والسراية للنفس، وشاهد الطلاق إذا أبى أن يحلف يحبس سنة، والهبة تصح بحيازة السنة. ولا تبطل إذا عادت ليد الواهب بخلاف الرهن، والموصى بعتقه امتنع أهله من بيعه، ينتظر سنة فإن باعوه عتق بالوصية. فرع: في الكتاب: إذا كانت الدار بغير البلد فهو كالحاضر مع الدار فيما تنقطع به الشفعة، ولا حجة له إلا بنقد حتى يقبضها لجواز النقد في الربع في الغائب، والغائب على شفعته وإن طالت غيبته وهو عالم بالشراء، وإن لم يعلم فأولى، ولو كان حاضرًا وسافر بحدثان الشراء سنين كثيرة سفرًا يعلم منه عدم الأوبة إلا بعد مدة الشفعة للحاضر. فلا شفعة له بعدها والآن؛ فإن عاقه عذر حلف ما تركها وأخذها، لأن الأصل: بقاء حقه واكتراؤك الشقص، ومساومتك إياه للشراء ومساقيك للنخل تقطع شفعتك، لأنه ظاهر حالك، قال صاحب التنبيهات: روى ابن القاسم: السنة تقطعها، فيحتمل مخالفته لروايته في المدونة، وموافقته لرواية أشهب، لأن السنة حد في الأحكام كما قال، أو موافقته للمدونة، أي السنة وما قاربها كما قال في الرضاع والزكاة ونحوهما، قال في الوثائق: نحو الشهرين بعد السنة، وقال الصدفي: ثلاثة أشهر، وقال أصبغ: ثلاث سنين، وعن مالك في أكثر من خمس سنين لأراه طولًا، وعن عبد الملك: عشر سنين، وعنه أيضا: أربعين سنة كأنها من باب الحيازة التي حدها عشر وأربعون سنة بين الأشراك، وعن مالك: لا تنقطع حتى يوقف أو يصرح بالترك، وقال ابن وهب: متى علم وترك فلا شفعة، قال ابن يونس: قوله إذا تباعد يحلف عنه في تسعة أشهر أو خمسة، ولا يحلف في شهرين، وإن كتب شهادته في الشراء ثم قام بعد عشرة أيام، فيحلف: ما كان ذلك تركًا لها ويأخذ، وقيل: تبطل بمجاوزة السنة بالقريب إلا أن يقول: أنا على شفعتي ويشهد على البائع بذلك، فله الشفعة إلا أن يوقفه الإمام فلا يأخذ، ويشهد عليه فلا ينفعه، وعن مالك: لا يقطعها عن الحاضر طول إلا أن يوقفه الإمام أو يتركها طوعًا، أو يأتي من طول الزمان ما يدل على الترك، أو يحدث المبتاع بناء أو غرسًا أو هدمًا وهو حاضر فتسقط إلا أن يقوم بقرب ذلك، وعن مالك: الخمس سنين ليست طولًا ما لم يحدث المشتري تغييرًا وهو حاضر، وعن أشهب: إذا أحدث المبتاع هدمًا أو مرمة انقطعت قبل السنة، وإلا فسنة، قال ابن عبد الحكم: إذا لم يعلم بالبيع وهو بالبلد صدق ولو بعد أربع سنين، وإن غاب المبتاع بعد الشراء أو اشتراها في غيبته أو اشتراها وكيله لم تبطل وإن طالت غيبته، لقوله عليه السلام: (ينتظر وإن كان غائبًا) وكذلك إن كان وكيله يهدم ويبني بحضرة الشفيع ما لم يكن موكلًا يدفع الشفعة عنه ببينة عادلة حاضرة علم بها الشفيع فينقطع العذر حينئذ، ولو أراد الأخذ والمبتاع غائب ولا وكيل له، فله، ويؤكل الإمام من يقبض الثمن للغائب ويمكنه من هذا. ولا تبطل شفعته إذا أخر الطلب لصعوبة الرفع للحاكم على كثير من الناس، قال محمد: فإن أخذها في غيبته فلا تكتب العهدة على وكيله بل على الغائب، لأنه الأصل، ويدفع الثمن لوكيل الشراء إن وكله عالمًا بأن لها شفيعًا، وإلا فلا يدفع له الثمن لعدم توكيله على القبض بل للحاكم، وإنما لا تكتب على الوكيل إذا ثبت أن الدار للغائب لو يثبت قبل عقد البيع أنه يشتري لفلان، فأما على إقراره فلا للتهمة في نقل العهدة عنه، بل تكتب عليه؛ فإن قدم الغائب فأقر خير الشفيع في نقلها على الموكل، ثم لا يرجع على الوكيل في استحقاق ولا غيره لأنه أبرأه، وبين إبقائها على الوكيل ويتبع في الاستحقاق أيهما شاء مؤاخذة للموكل بالإقرار؛ فإن غرم الوكيل رجع على الموكل لإقراره، وقال أشهب: لا يضر الشفيع كراء الشقص من المبتاع ولا مساومته ولا مساقاته، لأنه يقول: فعلت ذلك كما يفعله غيري بحضرتي، وساومته لأعلم الثمن، وكذلك لو حضر وهو يباع في المزايدة فزايد ثم بيع بحضرته: قال أشهب: ولو قاسم المشتري الشفيع بطلت شفعته. قال صاحب الخصال: الغائب على شفعته حتى يقدم، أو يطلب المشتري أن يكتب له القاضي إلى قاضي موضع الغائب بما يثبت له عنده من ابتياعه فيوقفه عليه القاضي فيوقف القاضي ذلك الغائب: إما يأخذ أو يترك، وقيل: لا يكتب السلطان في ذلك، بل إن أحب المشتري أن يشخص فيرفعه فيأخذ أو يترك، وليس لغيبته القاطعة عند مالك، بل يجتهد فيها الحاكم، فقد لا ينهض الضعيف على البريد. فرع: قال: والصغير على شفعته حتى يبلغ ويملك أمره وحتى تنكح البكر ويدخل بها زوجها أو تملك أمر نفسها إلا أن يكون لها وصي. نظائر: قال اللخمي: يسقطها سبعة إسقاطه بالقول والمقاسمة اتفاقًا، ومضي طول الزمان يدل على إعراضه، والرابع: إحداث المشتري البناء والغرس والهدم، والخامس: خروجه عن اليد بالبيع والهبة والصدقة، والسادس: مساومته أو مساقاته أو كراؤه، والسابع: بيع الشقص الذي يستشفع به، والخمسة: الخلاف فيها، وإن لم يعلم بالهبة أو الصدقة ردها، والثمن للمشتري إن لم يعلم للشفيع، وإن علم بالموهوب عند ابن القاسم، لأن علمه رضا بذلك وكأنه وهب الثمن، وقال أشهب: للمشتري، لأن الأصل: بقاء ملكه عليه، والخلاف في الكراء والمساقاة إنما هو في أقل من سنة، أما السنة فأكثر فيبطلها، ولو اكترى وساقى غير الشفيع فله رد ذلك، وعلى القول بأن بيع حصته التي هي سبب شركته وشفعته تسقط إذا باع بعضها: فهل يسقط من الشفعة بقدر ذلك؟ قال وعدم السقوط أولى لاستواء الجزء القليل والكثير في الشفعة، وعن ابن القاسم: للشفيع الغائب إبطال قسمة المشتري من البائع، والأخذ بالشفعة ولو قسم الحاكم لتقدم حقه على القسم، وقال سحنون: لا يرد ويأخذه مقسومًا كما لو بيع، وإذا دخل على أن له شفيعًا ليس له طلب القسم، وكذلك إذا كان معه شريك سوى الغائب، لأنه يدعو للقسم بل لشركائه ذلك، ويجمع نصيب الغائب مع نصيب المشتري، ويبقى على حقه في الشفعة إذا قدر، فإذا جهل القاسم قسم نصيبه للغائب: فللغائب رد القسم لأن من حقه أن يجمع نصيبه مع ما يأخذه بالشفعة، وقال (ش): للشفيع رد وقف المشتري وتصرفاته إلا تصرفًا يستحق به الشفعة، نحو البيع والإصداق في النكاح، ويخير الشفيع في العقود فيأخذ بأيها أحب، قال: وله فسخ إقالة المشتري ورده بالغيب لتقدم حقه، قال: وإذا قاسم وكيل الشفيع الغائب فبنى المشتري وغرس: فللشفيع قلع ذلك وأخذه بالقيمة، وكذلك إذا قاسمه الشفيع لأجل أنه أظهر من الثمن أكثر مما في العقد. وقال (ح): يجبره على القلع، وقلنا نحن و(ش) وأحمد لا يجبره على القلع والهدم . لنا: قوله عليه السلام: (ليس لعرق ظالم حق) مفهومه: إذا لم يكن ظالمًا له الحق، والمشتري ليس بظالم، ولأن له أن يبيع ويهب فله البناء والغرس، احتج بالقياس على البناء في الرهن من جهة الراهن، وقياسًا على الأرض المستحقة بجامع تقدم الحق على حقه، وبالقياس على من باع وفعل ذلك قبل التسليم. والجواب عن الأول: أن الراهن ممنوع من التصرف في الرهن بخلاف الشفيع. والجواب عن الثاني: أن الغيب انكشف عن عدم الملك بخلاف الشفعة. والجواب عن الثالث: أنه بنى في ملك غيره بخلاف الشفيع، وقال (ش): إذا باع نصيبه الذي يستشفع به لا شفعة. فرع: في الكتاب: إذا سلم ثم ظهر قلة الثمن، له الأخذ، وقال (ش) و(ح): ويحلف ما سلم إلا لكثرة الثمن، وإن قيل: ابتاع نصف النصيب فسلم ثم ظهر أنه الجميع، فله الأخذ لأنه قد رغب في الجميع دون بعضه، وإن قيل: له المشتري فلان، ثم ظهر أنه مع غيره، له أخذ حصتهما، لأنه قد يريده مستقلًا لا شريكًا، قال ابن يونس: لا يمين عليه عند أشهب في كثرة الثمن لظهور سبب التسليم؛ فإن قيل له: الثمن قمح، ثم ظهر أنه دراهم أو دنانير له الأخذ، وإن كانت الدنانير أكثر من ثمن القمح لعذره في نزل القمح بسبب الكيل والحمل، ويحلف ما كان إسلامه إلا لذلك. وأما أخذه بالقمح ثم يطلع على الدنانير فلا رد له، لانتقاء العذر، قال محمد: إلا أن تكون الدنانير أكثر من ثمن القمح بأمر بين، ولو سلم في الدنانير أنه قمح لزمه التسليم إلا أن يكون القمح أقل ثمنًا، ولو كان أخذ أولا لم تلزمه إلا أن يشاء، ولو سلم في القمح ثم ظهر عدسًا أو تمرًا أو ما يكال، وقيمة الأول أكثر، فله الأخذ لعذر الكثرة، ولو سلم في المكيل ثم علم أنه موزون، له الأخذ، لأن الوزن أخف ويحلف، ولو قيل: جارية قيمتها كذا، وصفتها كذا، أو بعرض كذلك، فسلم أو أخذ ثم ظهر أنه دنانير، لزمه التسليم والأخذ، لأنه يؤدي القيمة ما لم تكن قيمة ذلك أكثر، وكذلك لو سمى دنانير فأخذ وتبين أنه عرض أو حيوان، لزم الأخذ ويدفع قيمة ذلك ما لم تكن القيمة أكثر، وإن سلمته لزم، ما لم تكن القيمة أقل، ولو قيل بجارية أو عرض ولم يصفه فسلمت فظهر دنانير لزمك، لأن التسليم مع جهل الثمن لازم، قال ابن القاسم: إلا أن يذكر ما لا يكون مثله ثمنًا لما سمى من الجارية أو العرض لقلته فلك الأخذ للتهمة، ولو قيل: بمائة دينار أو مائة درهم ولم يذكر وزنها، لزمك الأخذ أو الترك لشهرة ذلك، وإن سمى قمحًا بمكيلة ولم يوصف فهو خفيف؛ فإن أخذ لزم إن كان بالوسط منه أو دونه، وإن كان بأعلاه من الوسط خير بين الأخذ والترك، ولو قال المشتري أده الوسط لم يلزمك، لما فيه من المنة، وكذلك ولو قيل: مائة فأخذت ثم ظهر: مائة وخمسون فأسقط الخمسين، ولا يجوز الأخذ إذا قال: بجارية ولم يصف، أو وصف ولم يعرف القيمة، وينقض إن فعل، لأنه شراء مجهول، ولا يقر بعد المعرفة لفساد الأصل في الأخذ، وفي كتب محمد: لا يضر الجهل بالقيمة إذا عرفاه، وأما إذا كانت الشفعة إنما تجب بقيمة الشقص فلا يلزم الأخذ إلا بعد معرفة القيمة، وقال محمد في مسألة الكتاب: إذا قيل لك: ابتاع فلان نصف نصيب شريكك له، فسلمت ثم ظهر شراؤه للجميع، فلك القيام، ولا يلزمك تسليم النصف الذي سلمت أولا، لأنك تقول تركت لبقاء شركته فلا يندفع ضرره، أما الآن فاندفع، وقال محمد: بل يلزمك سلام النصف نظرًا لتسليمك، ولو أخذت أولا النصف ثم ظهر الجميع أخذت باقيه؛ فإن امتنعت خير المشتري في أخذ النصف أو ترك الجميع نفيًا لضرر تفريق الصفقة، وقال أشهب فيما إذا ظهر أن المشتري اثنان بعد أن سلم بالواحد: يلزمك التسليم وتكون تلك الحصة بين المشتريين، لأنهما شريكان في الشراء، وعهدتك عليهما، قال محمد: وإذا كانا متفاوضين فليس لك إلا الأخذ منهما أو التسليم لهما، ولو سميا لك، قال أشهب: ولك الأخذ من أحدها فقط، قال محمد: وهذا إذا لم يكونا متفاوضين، قال محمد: فلو سمي لك زيد فظهر عمرو، لك الأخذ بعد التسليم دون التسليم بعد الأخذ، لأن التسليم قد يكون لصداقة في الأول؛ فإن لم يسم لك أحد فسلمت ثم تبين، فلك الأخذ لأن تسليمك لم يكن لصفة. قال اللخمي: اختلف في الأخذ قبل معرفة الثمن: فظاهر الكتاب: جوازه لقوله: إذا أشهد وقبل معرفة الثمن بالأخذ، ثم قال: قد بدا لي، له الأخذ إن أحب، فخيره في التمسك والفاسد لا يخيره فيه، وفي كتاب محمد: فاسد، ويجبر على الرد، وفي اشتراط معرفة قيمة ما اشترى به قولان، ومثله الشفعة بقيمة الشقص المشفوع به؛ فإن كان صداقًا أو في خلع أو دم فعلى القولين، واستحسن أيضا ذلك في كل ما لا تتباين فيه قيمة القسم، وتنقص فيما لا يعلم بفواتها، واستحق في الطعام يسمى كيله دون وصفه، ويلزم التسليم والأخذ قبل معرفة المشتري، قال محمد: وإن كان عدوًا أو شريرًا أو مضارًا: قال: والصواب: له الرجوع إذا تبين أنه على أحد هذه الحالات، ومن يرى أنه لو علم لم يسلم له، وليس كذلك إذا أخذ ثم تبين أنه على ذلك، لأن رغبته في الثاني أولى وإن لا يكون شريكًا له، وقال (ش): إذا قال المشتري في الثمن: آخذ النقدين فسلم فتبين أنه النقد الآخر، له الأخذ لتفاوت الأغراض، وكذلك إذا تبين أنه مؤجل، قال (ح): إذا سلم لتعذر الجنس الذي بلغه. فرع: في الكتاب: إذا أشهد بالأخذ لزمه إن عرف الثمن والأخذ، لأنه قد يظهر ما يرغبه أو ينفره، ومتى سلم بعد البيع فلا قيام له لإسقاطه حقه، ولو قال المشتري: اشتر، فقد أسقطت شفعتي، فلا تسقط، وقاله (ش)، قال ابن يونس: قال أشهب: إذا لم يعرف الثمن إلا بعد الأخذ فسخ، لأنه شراء مجهول، وتسليم الشفعة بعد الشراء لازم، وإن جهل الثمن، إلا أن تبيين ما لا يكون ثمنًا لذلك، قال محمد: وإذا سلم الشفيع بعد الشراء في عقد خيار في أيام الخيار بعوض أو بغير عوض، لم يلزم، ولو انقضى أجل الخيار لم يجز الرضا بما تقدم، لأن الشفعة بيع يحله ما يحل البيع ويحرمه ما يحرمه؛ فإن فسخا ذلك بقاض أو بغيره استأنفا ما أحبا. قاعدة: متى كان للحكم سبب وشرط فأخر عن سببه وشرطه صح إجماعًا، أو قدم عليهما بطل إجماعًا، أو توسط بعد السبب فقولان للعلماء، كالزكاة سببها: النصاب، وشرطها: الحول، فتقديمها عليهما لا يجزئ إجماعًا، وبعدهما تجزئ إجماعًا، وبعد ملكه النصاب وقبل الحول قولان، وكفارة اليمين، سببها: اليمين، وشرطها الحنث، فقبلهما لا تجزئ إجماعًا، وبعدهما تجزئ إجماعًا، وبعد اليمين وقبل الحنث خلاف، والقصاص في النفس، سببه: الجراحة، وشرطه: الزهوق، فالعفو قبلهما لا ينفذ إجماعًا، وبعدهما ينفذ إجماعًا من الأولياء، وبعد الجراحة وقبل الزهوق لم يقع الخلاف كما وقع في نظائره، بل ينفذ اتفاقًا فيما علمته لأن ما عدا هذه الصورة المكلفة متمكن من استدراك وجوه البر لبقاء الحياة، وهاهنا لو لم يمكنه الشرع من تحصيل قربة العفو عن دمه لتعذر عليه بموته، وأذن الورثة لموروثهم قبل مرضه المخوف لا يعتبر، لأنه سبب زهوق الروح الذي هو شرط في الإرث، وبعد الزهوق، وينفذ تصرفهم في التركة اتفاقًا، وبينهما لا أعلم أيضا فيه خلافًا، ولعله لتحصيل مصلحة الموروث قبل الفوت بالموت، وهو أولى بما له ما دام حيًا، ومنه: إسقاط الشفعة قبل عقد البيع لا ينفذ، لأنه السبب، وبعد العقد والأخذ ينفذ وكذلك بعد العقد وقبل الأخذ. فهذه قاعدة شريفة يتخرج عليها فروع كثير في أبواب الفقه، وبها يظهر فساد قياس الزكاة على الصلاة في امتناع التقديم على الوقت، لأن أوقات الصلوات أسباب، والتقديم على الزوال مثلا تقديم على السبب، وأما تقديم الزكاة على الحول: فبعد السبب وقبل الشرط فليس الموضوعان سواء. نظائر: قال أبو عمران: ست مسائل لا يعتبر فيها إسقاط الحق: الشفعة قبل الشراء: والميراث قبل الموت: وإذن الوارث في الصحة بأكثر من الثلث، وإذن الوارث إذا كان من العيال في مرض الموصي، والمرأة تسقط حقها من أيامها لصاحبتها قبل مجيئها، والأمة تختار نفسها قبل العتق، والمرأة تسقط شروطها قبل الزواج، وقيل: لا شيء لها. وقيل: لها الرجوع في القرب. (تفريع) قال: يجري في التسليم قبل الشراء قول قياسًا على من قال: إن اشتريت عبد فلان فهو حر، وإن تزوجت فلانة فهي طالق، لأنه تصرف قبل الملك، وقال فيمن جعل لامرأته إن تزوج عليها فأسقطته قبل الزواج، لزمها ذلك، وهو في الشفعة أولى، لأنه أدخل المشتري في المشترى كما لو قال: اشتروا الثمن علي؛ فإنه يلزمه الثمن، لأنه أدخله في الشراء عند مالك وابن القاسم، وإن تركها قبل الشراء بعوض امتنع للجهل بما يقابل العوض هل يحصل أم لا؟ فإن قال: إن اشتريت فقد سلمت لك بدينار إن لم يبع صح لعدم الغرر، ولو شرط النقد امتنع لأنه سلف تارة وثمن تارة، ولو سلم لغير المشتري بعد الشراء بعوض أم لا امتنع، لأنه لم يأخذ فيبيع، ولأن الشفعة لا تكون للبيع، ولو أراد المشتري البيع فلم يسقط الشفيع الشفعة إلا بعوض من المشتري أو من المشتري الثاني جاز، خلافًا لـ(ش) لنا: أنه ملك الأخذ فجازت المعاوضة عليه كالعقار، وقياسًا على تمليك الزوجة أمرها، وقياسًا على أخذ الأمة العوض إذا عتقت على أن لا توقع طلاقًا، قال مطرف: إن صالح على أنه متى أذن المشتري لولده فهو على شفعته لا يلزمه ذلك، وله الشفعة ما لم يطل الزمان شهورًا كثيرة، وقال أصبغ: يلزم الصلح توفية بالعقد، والمقال في ذلك للمشتري دون الشفيع، لأن ترك الشفعة هبة، ويتضرر المشتري بالبقاء على ذلك في البناء والغرس والحبس فيهدم ويعطى القيمة لما أحدث، ومن حقه أن يقول: إما أن تسقط حقك مرة فأتصرف آمنًا، وإما أن تأخذ، وقال مطرف: للشفيع أيضا مقال، وفي الجواهر: يجوز أخذه من المشتري عوضًا: دراهم أو غيرها على ترك الشفعة إن كان بعد الشراء، وإن كان قبله بطل ورد العوض، وكان على شفعته. فرع: في المقدمات: إن سكت الحاضر حتى غرس المشتري أو بنى أو طالت المدة أكثر من المدة المعتبرة على الخلاف بطل حقه، ولا يعذر بالجهل. نظائر: قال: المسائل التي لا يعذر فيها بالجهل: سبع على ما قاله أبو عمر الإشبيلي، ولم يكن يفسرها إذا سئل عنها، قال ابن عتاب: فاستقرأتها فوجدتها: الشفعة، والمرأة تقضي بالثلاث في المجلس فلا يناكرها الزوج لجهله، والسارق لثوب لا يساوي ثلاثة دراهم، وفيه ثلاثة دراهم يحملها، ووطء المرتهن الجارية المرهونة، قال ابن عتاب: ووجدت غيرها كثيرًا: يخير امرأته فتقضي بواحدة، فيقال لها: ليس لك ذلك. وتريد أن تقضي مرة أخرى بالثلاث، وتدعي الجهل، قاله ابن القاسم، والمستحلف أباه في حق له عليه: أن شهادته تسقط، وإن جهل العقوق، قاله ابن القاسم، وكذلك قاطع الدنانير جهلًا بكراهيته، وفي الدمياطية: والمرتهن يرد الرهن للراهن يبطل الرهن ولا يعذر بالجهل. وفي الواضحة: باع جارية وقال: كان لها زوج فطلقها أو مات عنها، ووافقته الجارية، يحرم وطؤها على المشتري، ولا تتزوج حتى يشهد بالطلاق أو الوفاة؛ فإن أراد ردها وادعى أنه ظن أن قول البائع والجارية في ذلك مقبول لم يكن له ذلك، وإن كان ممن يجهل معرفته. وقال أشهب: إذا أعتق أم ولده ووطئها في العدة وادعى الجهل: أنه يحد، كما لو ادعى الزاني الجهل بتحريم الزنا، وفرق بين المعتق والمطلق ثلاثًا يطأ في العدة، أو واحدة قبل الدخول فيلحقه الولد ولا يحد، لأنها شبهة لأهل الجهل، وحكى ابن حبيب: أن المظاهر إذا وطيء قبل الكفارة يؤدب ولا يعذر بالجهل، ومن قذف عبدًا فظهر أنه حر قد عتق قبل ذلك ولم يعلم القاذف، وكذلك إذا شرب هو أو زنى ولم يعلم بعتق نفسه، ومن اشترى من يعتق عليه ولم يعلم به، والبيوع الفاسدة: الجاهل فيها كالعالم إلا في الإثم، والوضوء والصلاة يستوي فيها العامد والجاهل، وكذلك الحج في كثير من الأحكام، قال صاحب المقدمات: قد تركت مسائل كثيرة، منها حمل امرأته ولم ينكره، ثم أراد نفيه بعد ذلك، والشاهد يرى الفرج يستباح، أو الحر يستخدم فلا يقوم بشهادته، وكذلك أكل مال اليتيم والغاصب والمحارب والمتصدر للفتوى بغير علم، والطبيب يقتل بمعاناته وهو غير عالم بالطب، والشاهد يخطئ في شهادته في الحدود والأموال، وهذا الباب أكثر من أن يحصى، وكان أبو عمر الإشبيلي أجل من أن يعتقد الحصر في سبع، لكن أظن مراده ما يكون مجرد السكوت فيه على فعل الغير مسقطًا حق الساكت اتفاقًا، فوجد فوجدت. من هذا النوع سبعًا لا ثامن لها: الشفعة وما في معناها كالغريم يعتق بحضرة غرمائه فيسكتون، أو يبيع العبد قبل الخيار فيتركه حتى ينقضي أمد الخيار وشبهه. الثانية: من حاز ملك رجل في وجهه مدة معتبرة، ثم ادعى أنه ابتاعه منه صدق مع يمينه، ولا يعذر صاحب المال بالجهل وأن سكوته مبطل. الثالثة: المملكة تقضي بالثلاث فلا ينكر الزوج، ثم تريد المناكرة، أو لا تقضي بشيء وتسكت حتى يطأها، أو ينقضي المجلس على الخلاف، وما أشبه ذلك كالأمة تعتق فلا تقضي حتى يطأها الزوج. الرابعة: الشاهد يرى الفرج يستباح والعبد يستخدم ونحوه من الحقوق الواجبة لله تعالى. الخامسة: المطلقة يراجعها زوجها فتسكت حتى يطأها، ثم تدعي انقضاء العدة. السادسة: المرأة تزوج وهي حاضرة فلا تنكر حتى يدخل بها الزوج، ثم تنكر النكاح والرضا به، وتدعي الجهل في سكوتها. السابعة: الرجل يباع عليه ماله ويقبضه المشتري وهو حاضر لا ينكر، ثم ينكر الرضا بالبيع، ويدعي الجهل، ويحتمل أن يريد سبع مسائل من نوع: الطلاق أحدها: يملك امرأته فتقبل، ثم تصاحبه بعد ذلك قبل أن تسأل ما قبلت، ثم تقول: كنت أردت الثلاث لترجع فيما صالحت به. الثانية: السامع لامرأته تقضي بالثلاث فيسكت، ثم ينكر. الثالثة: المخيرة تختار، ثم تريد تختار بعد ذلك ثلاثًا وتقول: ظننت أن لي الخيار. الرابعة: المملكة والمخيرة لا تقضي حتى ينقضي المجلس على قول مالك الأول، ثم تريد القضاء بعد ذلك وتقول: ظننت أن ذلك بيدي أبدًا، الخامسة: المقول لها: إن غبت عنك أكثر من سنة فأمرك بيدك فتقيم بعد السنة المدة الطويلة من غير أن يشهد أنها على حقها، ثم تريد القضاء وتقول: جهلت وظننت أن الأمر بيدي متى ما شئت. السادسة: الأمة تعتق فتوطأ، ثم تريد الخيار وتقول: جهلت أن لي الخيار. السابعة: الرجل أمر امرأته بيد غيرها فلا تقضي المملكة حتى يطأها، ثم تريد القضاء وتقول: جهلت قطع الوطء ما ملكته. فرع: في الكتاب: التسليم قبل معرفة الثمن جائز. في التنبيهات: ظاهر الكتاب الإطلاق، واختلف في تأويله، فقيل: جائز ماض مطلقًا، وقيل: معناه أن ذلك الفعل لا يلزمه لفساده بجهله بما يأخذ. وكذلك اختلف قوله في الشفعة والثمن عرض لا مثل له قبل معرفة قيمته كالجواهر الغريبة، هل يفسد أو يجوز؟ وقيل: ذلك كله إذا تقاربت القيم جاز وإلا فلا. قال اللخمي: تسليمها قبل معرفة الثمن جائز، لأنه ترك لا معاوضة، واختلف في أخذها قبل معرفته، وظاهر الكتاب: الجواز. تنبيه: الحيلة في إسقاط الشفعة: أن يبيع إلا مقدار ذراع في طول الحد الذي يلي الشفيع، فلا شفعة لانقطاع الجوار، وكذلك إذا وهب منه من المقدار وسلمه إليه، وإذا ابتاع سهمًا، ثم بقيتها، فالشفعة للجار في الأول دون الثاني، لأن المشتري في الثاني شريك مقدم على الجار، ومما يعم الجوار والشركة أن يباع بأضعاف قيمته ويعطى بها ثوبًا بقدر القيمة. قالوا: ولا تكره الحيلة في إسقاط الشفعة لأنها تمنع من ثبوت الحق فلا ضرر لعدم الحق. قاله أبو يوسف. وتكره عند محمد، لأنها تمنع من تمكين الشريك من دفع ضرره. وعلى هذا الخلاف في إسقاط الزكاة. تم الجزء السابع من الذخيرة. يليه الجزء الثامن وأوله كتاب الوكالة
|