الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال الماوردي: قوله عز وجل: {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى بُرهان ربه}أما همها به ففيه قولان:أحدهما: أنه كان هَمَّ شهوة.الثاني: أنها استلقت له وتهيأت لمواقعته.وأما همّه بها ففيه ستة أقاويل:أحدها: أنه همّ بها أن يضربها حين راودته عن نفسه ولم يهم بمواقعتها قاله بعض المتأخرين.الثاني: أن قوله ولقد همت به كلام تام قد انتهى، ثم ابتدأ الخبر عن يوسف فقال: {وهم بها لولا أن رأى برهان ربه} ومعنى الكلام لولا أن رأى برهان ربه لهمَّ بها، قاله قطرب.الثالث: أن همها كان شهوة، وهمه كان عفة.الرابع: أن همه بها لم يكن عزمًا وإرادة وإنما كان تمثيلًا بين الفعل والترك، ولا حرج في حديث النفس إذا لم يقترن به عزم ولا فعل، وأصل الهم حديث النفس حتى يظهر فيصير فعلًا، ومنه قول جميل:الخامس: أنه همه كان حركة الطباع التي في قلوب الرجال من شهوة النساء وإن كان قاهرًا له وهو معنى قول الحسن.السادس: أنه هم بمواقعتها وعزم عليه.قال ابن عباس: وحل الهميان يعني السراويل وجلس بين رجليها مجلس الرجل من المرأة، وهو قول جمهور المفسرين. فإن قيل: فكيف يجوز أن يوصف يوسف بمثل هذا الفعل وهو نبي الله عز وجل؟قيل: هي منه معصية، وفي معاصي الأنبياء ثلاثة أوجه:أحدها: أن كل نبي ابتلاه الله بخطيئة إنما ابتلاء ليكون من الله تعالى على وجل إذا ذكرها فيجدّ في طاعته إشفاقًا منها ولا يتكل على سعة عفوه ورحمته.الثاني: أن الله تعالى ابتلاهم بذلك ليعرفهم موقع نعمته عليهم بصفحه عنهم وترك عقوبتهم في الآخرة على معصيتهم.الثالث: أنه ابتلاهم بذلك ليجعلهم أئمة لأهل الذنوب في رجاء رحمة الله وترك الإياس في عفوه عنهم إذا تابوا.وفي قوله تعالى: {لولا أن رأى برهان ربه} ستة أقاويل:أحدها: أن برهان ربه الذي رآه أن نودي بالنهي عن مواقعة الخطيئة، قال ابن عباس: نودي اي ابن يعقوب تزني فيكون مثلك مثل طائر سقط ريشه فذهب يطير فلم يستطع.الثاني: أنه رأى صورة يعقوب وهو يقول: يا يوسف أتهمُّ بفعل السفهاء وأنت مكتوب في الأنبياء؟ فخرجت شهوته من أنامله، قاله قتادة ومجاهد والحسن وسعيد بن جبير.قال مجاهد: فولد لكل واحد من أولاد يعقوب اثنا عشر ذكرًا إلا يوسف فلم يولد له إلا غلامان ونقص بتلك الشهوة ولده.الثالث: أن البرهان الذي رآه ما أوعد الله تعالى على الزنى، قال محمد بن كعب القرظي: رأى كتابًا على الحائط: {ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلًا} [الإسراء: 32].الرابع: أن البرهان الذي رآه. الملك إظفير سيده، قاله ابن إسحاق.الخامس: أن البرهان الذي رآه هو ما آتاه الله تعالى من آداب آبائه في العفاف والصيانة وتجنب الفساد والخيانة، قاله ابن بحر.السادس: أن البرهان الذي رآه أنه لما همت به وهم بها رأى سترًا فقال لها: ما وراء هذه الستر؟ فقالت: صنمي الذي أعبده أستره استحياء منه. فقال: إذا استحيت مما لا يسمع ولا يبصر فأنا أحق أن أستحي من إلهي وأتوقاه، قاله الضحاك.{كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء} فيها وجهان:أحدهما: أن السوء الشهوة، والفحشاء المباشرة.الثاني: أن السوء عقوبة الملك العزيز. والفحشاء مواقعة الزنى.{إنه من عبادنا المخلصين} قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر المخلصين بكسر اللام، وتأويلها الذين أخلصوا طاعة الله تعالى.وقرأ الباقون بفتح اللام، وتأويلها الذين أخلصهم الله برسالته، وقد كان يوسف عليه السلام بهاتين الصفتين لأنه كان مخلصًا في طاعة الله تعالى، مستخلصًا لرسالة الله. اهـ. .قال الجصاص: قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ: هَمَّتْ بِهِ بِالْعَزِيمَةِ وَهَمَّ بِهَا مِنْ جِهَةِ الشَّهْوَةِ وَلَمْ يَعْزِمْ. وَقِيلَ: هَمَّا جَمِيعًا بِالشَّهْوَةِ؛ لِأَنَّ الْهَمَّ بِالشَّيْءِ مُقَارَبَتُهُ مِنْ غَيْرِ مُوَاقَعَةٍ.وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَمَّ يُوسُفَ بِهَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِهَةِ الْعَزِيمَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ جِهَةِ دَوَاعِي الشَّهْوَةِ قَوْلُهُ: {مَعَاذَ اللَّهِ إنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} وَقَوْلُهُ: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} فَكَانَ ذَلِكَ إخْبَارًا بِبَرَاءَةِ سَاحَتِهِ مِنْ الْعَزِيمَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ.وَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَمَعْنَاهُ: لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ هَمَّ بِهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ جَوَابَ {لَوْلَا} لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُجِيزُونَ أَنْ نَقُولَ: قَدْ أَتَيْتُك لَوْلَا زَيْدٌ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عَلَى تَقْدِيرِ تَقْدِيمِ {لَوْلَا}.قَوْله تَعَالَى: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ: رَأَى صُورَةَ يَعْقُوبَ عَاضًّا عَلَى أَنَامِلِهِ وَقَالَ قَتَادَةُ: نُودِيَ يَا يُوسُفُ أَنْتَ مَكْتُوبٌ فِي الْأَنْبِيَاءِ وَتَعْمَلُ عَمَلَ السُّفَهَاءِ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ رَأَى الْمَلَكَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: هُوَ مَا عَلِمَهُ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى عِقَابِ الزِّنَا. اهـ..قال ابن عطية: وقوله: {ولقد همت به} الآية.لا شك أن هم زليخا كان في أن يواقعها يوسف، واختلف في هم يوسف عليه السلام، فقال الطبري: قالت فرقة: كان مثل همها، واختلفوا كيف يقع من مثل يوسف وهو نبي؟ فقيل ذلك ليريه الله تعالى موقع العفو والكفاية، وقيل الحكمة في ذلك أن يكون مثالًا للمذنبين ليروا أن توبتهم ترجع بهم إلى عفو الله كما رجعت بمن هو خير منهم ولم يوبقه القرب من الذنب، وهذا كله على أن هم يوسف بلغ فيما روت هذه الفرقة إلى أن جلس بين رجلي زليخا وأخذ في حل ثيابه وتكته ونحو هذا، وهي قد استلقت له؛ قاله ابن عباس وجماعة من السلف.وقالت فرقة في همه إنما كان بخطرات القلب التي لا يقدر البشر عن التحفظ منها، ونزع عند ذلك ولم يتجاوزه، فلا يبعد هذا على مثله عليه السلام، وفي الحديث: «إن من هم بسيئة ولم يعملها فله عشر حسنات» وفي حديث آخر «حسنة»، فقد يدخل يوسف في هذا الصنف.وقالت فرقة: كان هم يوسف بضربها ونحو ذلك. قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف البتة، والذي أقول في هذه الآية: إن كون يوسف نبيًا في وقت هذه النازلة لم يصح ولا تظاهرت به رواية، وإذا كان ذلك فهو مؤمن قد أوتي حكمًا وعلمًا ويجوز عليه الهم الذي هو إرادة الشيء دون مواقعته، وأن يستصحب الخاطر الرديء على ما في ذلك من الخطيئة؛ وإن فرضناه نبيًا في ذلك الوقت فلا يجوز عليه عندي إلا الهم الذي هو الخاطر، ولا يصح عليه شيء مما ذكر من حل تكة ونحو ذلك، لأن العصمة مع النبوة، وما روي من أنه قيل له: تكون في ديوان الأنبياء وتفعل فعل السفهاء، فإنما معناه العدة بالنبوة فيما بعد، والهم بالشيء مرتبتان: فالواحدة الأولى تجوز عليه مع النبوة، والثانية الكبرى لا تقع إلا من غير نبي، لأن استصحاب خاطر المعصية والتلذذ به معصية تكتب، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به نفوسها مالم تنطق به أو تعمل» معناه من الخواطر، وأما استصحاب الخاطر فمحال أن يكون مباحًا، فإن وقع فهو خطيئة من الخطايا لكنه ليس كمواقعة المعصية التي فيها الخاطر، ومما يؤيد أن استصحاب الخاطر معصية قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنه كان حريصًا على قتل صاحبه».وقوله الله تعالى: {إن بعض الظن إثم} [الحجرات: 12] وهذا منتزع من غير موضع من الشرع، والإجماع منعقد أن الهم بالمعصية واستصحاب التلذذ بها غير جائز ولا داخل في التجاوز.واختلف في البرهان الذي رأى يوسف، وقيل: نودي. واختلف فيما نودي به، فقيل ناداه جبريل: يا يوسف، تكون في ديوان الأنبياء. وتفعل فعل السفهاء؟ وقيل: نودي: يا يوسف، لا تواقع المعصية فتكون كالطائر الذي عصى فتساقط ريشه فبقي ملقى- ناداه بذلك يعقوب-، وقيل غير هذا مما في معناه، وقيل: كان البرهان كتابًا رآه مكتوبًا، فقيل: في جدار المجلس الذي كان فيه، وقيل: بين عيني زليخا، وقيل: في كف من الأرض خرجت دون جسد؛ واختلف في المكتوب، فقيل: قوله تعالى: {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} [الرعد: 33]، وقيل: قوله تعالى: {ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلًا} [الإسراء: 32] وقيل غير هذا. وقيل: كان البرهان أن رأى يعقوب عليه السلام ممثلًا معه في البيت عاضًا على إبهامه وقيل: على شفته. وقيل بل انفرج السقف فرآه كذلك. وقيل: إن جبريل قال له: لئن واقعت المعصية لأمحونك من ديوان النبوة، وقيل: إن جبريل ركضه فخرجت شهوته على أنامله.قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف، وقيل: بل كان البرهان فكرته في عذاب الله ووعيده على المعصية، وقيل: بل كان البرهان الذي اتعظ به أن زليخا قالت له: مكانك حتى أستر هذا الصنم- لصنم كان معها في البيت- فإني أستحيي منه أن يراني على هذه الحال؛ وقامت إليه فسترته بثوب فاتعظ يوسف وقال: من يسترني أنا من الله القائم على كل شيء، وإذا كنت أنت تفعلين هذا لما لا يعقل فإن أولى أن أستحيي من الله.والبرهان في كلام العرب الشيء الذي يعطي القطع واليقين، كان مما يعلم ضرورة أم بخبر قطعي أو بقياس نظري، فهذه التي رويت فيما رآه يوسف براهين.و{أن} في قوله: {لولا أن رأى} في موضع رفع، التقدير: لولا رؤيته برهان ربه، وهذه: {لولا} التي يحذف معها الخبر، تقديره: لفعل أو لارتكب المعصية. وذهب قوم إلى أن الكلام تم في قوله: {ولقد همت به} وأن جواب: {لولا} في قوله: {وهم بها} وأن المعنى: لولا أن رأى البرهان لهمَّ أي فلم يهم عليه السلام، وهذا قول يرده لسان العرب وأقوال السلف. قال الزجّاج: ولو كان الكلام: ولهمَّ بها لولا، لكان بعيدًا، فكيف مع سقوط اللام!.والكاف من قوله: {كذلك} متعلقة بمضمر تقديره: جرت أفعالنا وأقدارنا: {كذلك لنصرف}، ويصح أن تكون الكاف في موضع رفع بتقدير: عصمتنا له كذلك لنصرف.وقرأ الجمهور: {لنصرف} بالنون، وقرأ الأعمش: {ليصرف} بالياء- على الحكاية عن الغائب-، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر والحسن بن أبي الحسن وأبو رجاء: {المخلِصين} بكسر اللام في كل القرآن، وكذلك: {مخلصًا} [مريم: 51] في سورة مريم. وقرأ نافع: {مخلصًا} [الزمر: 2-11-14، مريم: 51] كذلك بكسر اللام، وقرأ سائر القرآن: {المخلَصين} بفتح اللام، وقرأ حمزة والكسائي وجمهور من القراء: {المخلَصين} بفتح اللام و: {مخلصًا} كذلك في كل القرآن. اهـ..قال الخازن: قوله: {ولقد همَّت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه} الآية.هذه الآية الكريمة مما يجب الاعتناء بها والبحث عنها والكلام عليها في مقامين الأول في ذكر أقوال المفسرين في هذه الآية.قال المفسرون: الهمّ هم المقاربة من الفعل من غير دخول فيه، وقيل: اللهم مصدر هممت بالشيء إذا أردته وحدثتك نفسك به وقاربته من غير دخول فيه فمعنى قوله ولقد همَّت به أي أرادته وقصدته فكان همهما به عزمها على المعصية والزنا، وقال الزمخشري: همَّ بالأمر إذا قصده وعزم عليه قال الشاعر وهو عمرو بن ضابئ البرجمي:وقوله: ولقد همَّت به: معناه ولقد همت بمخالطته وهم بها أي وهم بمخالطتها لولا أن رأى برهان ربه جوابه محذوف تقديره لولا أن رأى برهان ربه لخالطها قال البغوي وأما همه بها فروي عن ابن عباس أنه قال حلّ الهميان وجلس منها مجلس الخائن، وقال مجاهد: حل سراويله وجعل يعالج ثيابه، وهذا قول أكثر المفسرين منهم سعيد بن جبير والحسن وقال الضحاك: جرى الشيطان بينهما فضرب بيده إلى جيد يوسف وبيده الأخرى إلى جيد المرأة حتى جمع بينهما، قال أبو عبيده القاسم بن سلام: وقد أنكر قوم هذا القول قال البغوي: والقول ما قاله قدماء هذه الأمة وهم كانوا أعلم بالله أن يقولوا في الأنبياء من غير علم، قال السدي وابن إسحاق: لما أرادت امرأة العزيز مراودة يوسف عن نفسه جعلت تذكر له محاسن نفسه وتشوقه إلى نفسها فقالت: يا يوسف ما أحسن شعرك، قال: هو أول ما ينتثر عن جسدي، قالت: ما أحسن عينيك، قال: هي أول ما يسيل على خدي في قبري، قالت: ما أحسن وجهك، قال: هو للتراب يأكله.وقيل: إنها قالت له إن فراش الحرير مبسوط قم فاقض حاجتي قال: إذن يذهب نصيبي من الجنة.فلم تزل تطمعه وتدعوه إلى اللذة وهو شاب يجد من شبق الشباب ما يجده الرجل وهي امرأة حسناء جميلة حتى لان لها لما يرى من كلفها به فهم بها ثم إن الله تدارك عبده يوسف بالبرهان الذي ذكره وسيأتي الكلام على تفسير البرهان الذي رآه يوسف فهذا ما قاله المفسرون في هذه الآية أما المقام الثاني في تنزيه يوسف عن هذه الرذيلة وبيان عصمته من هذه الخطيئة التي ينسب إليها.قال بعض المحققين: الهم همان فهم ثابت وهو ما كان معه عزم وقصد وعقيدة رضا مثل هم امرأة العزيز فالعبد مأخوذ به وهم عارض وهو الخطرة في القلب وحديث النفس من غير اختيار ولا عزم مثل هم يوسف فالعبد غير مأخوذ به ما لم يتكلم أو يعمل به ويدل على صحة هذا ما روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تبارك وتعالى: «إذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه فإن عملها فاكتبوها عليه سيئة واحدة وإذا هم بحسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة فإن عملها فاكتبوها له عشرة» لفظ مسلم وللبخاري بمعناه.عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما يرويه عن ربه قال: «إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة فإن هم بها وعملها كتبها الله له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ومن همّ بسيئة ولم يعملها كتبها الله له عنده حسنة وإن هو هم بها فعملها كتبها الله له عليه سيئة واحدة» زاد في رواية أو محاها «ولن يهلك على الله إلا هالك» قال القاضي عياض في كتابه الشفاء فعلى مذهب كثير من الفقهاء المحدثين إن هم النفس لا يؤاخذ به وليس سيئة وذكر الحديث المتقدم فلا معصية في هم يوسف إذن وأما على مذهب المحققين من الفقهاء والمتكلمين فإن الهم إذا وطنت عليه النفس كان سيئة وأما مالم لم توطن عليه النفس من همومها وخواطرها فهو المعفو عنه هذا هو الحق فيكون إن شاء الله هم يوسف من هذا ويكون قوله: {وما أبرئ نفسي} الآية أي ما أبرئها من هذا الهم أو يكون ذلك على طريق التواضع والاعتراف بمخالفة النفس لما زكي قبل وبرئ فكيف.
|